pregnancy

الكي .. طب شعبي قد يشفيك أو يشلك


لا يوجد قوانين تمنعه أو تنظم عمل ممارسيه
الكي .. طب شعبي قد يشفيك أو يشلك
عانى المواطن أيمن المسالمة والذي غزا الشيب أغلب رأسه ولحيته من آلام أسفل الظهر حرمته من النوم الهادئ لأيام وليالٍ، فقصد معالجاً بالكي، وطرح عليه علته، فكان قرار المعالج أن يكوى المواطن المسالمة في أسفل ظهره ورجله اليمنى. يقول المسالمة :  (ثبتني أربعة رجال على الأرض ليقوم "الكاوي" بوضع عشبة مشتعلة تعرف بـ "الصوفان" على أسفل ظهري وبدأ بالنفخ عليها وهي تزداد اشتعالاً على ظهري واستمرت هذه العملية 10 دقائق بعدها انطفأت العشبة التي تحولت إلى جمر وانتهت رماداً على جلدي ، وكرر هذه العملية على رجلي . والذي آلمني أكثر من حرق جلدي أنني وبالرغم من مرور عام على علاجي بالكي لم أزل أعاني من الآلام التي كنت أعاني منها قبل كيي ،وفوق ذلك ارتخاء في عصب رجلي اليمنى .)


فما هو العلاج بالكي ؟ وكيف يتم ؟ وما هي فوائده ومخاطره؟ ومن هو المسموح له بممارسة هذه المهنة ؟ وهل يوجد قانون ينظم هذا العلاج ؟
عرف العلامة ابن منظور الكي بقوله : الكيّ هو احراق الجلد بحديدة ونحوها . وقد استعمل القدماء الكي للتداوي من علل وأمراض متعددة كقطع النزيف ومعالجة ألم أسفل الظهر وعِرق النِّسا . وما زال الكي علاجا لا بد منه في دول العالم الثالث ، ومنها فلسطين .
ينتشر العلاج بالكي في المناطق الريفية والبدوية من فلسطين، ويسود اعتقاد لدى المواطنين في هذه المناطق بفعالية هذا العلاج، فيتحملون لأجل الشفاء "المرجو" ناراً تحرق جلدهم لتصل إلى الطبقات الداخلية من أجسامهم.
الحاجة السبعينية آمنة دردس نغصت آلام حادة في أسفل ظهرها وقدمها اليسرى حياتها، فنصحتها جاراتها بالتوجه إلى إحدى النساء المعالجات بالكي . أخذت دردس بنصيحة الجارات وقصدت منزل (س.ع) وهي مواطنة أمية ورثت مهنة العلاج بالكي عن "حماتها" لتقوم  بتشخيصها وصرف العلاج اللازم لها،هذا العلاج الناجع هو الكي في نظر "الكاوية" . كويت دردس في أسفل رجلها اليمنى، وطلبت منها الكاوية أن تضع ورقة عنب على مكان الكي، فكانت النتيجة  شلل نصفي حل بها فحول حياتها وحياة أبنائها وبناتها إلى جحيم . وبعد دخول دردس المستشفى وإجراء الفحوصات اللازمة لها تبين إصابتها بمرض الكزاز وهو مرض حاد ينتج عن تلوث الجروح بالجراثيم التي تحمل البذور spores فتنتج سما قويا يمتصه الجسم ويؤدي إلى تقلصات مؤلمة في العضلات وتقلص في عضلات الحنك وتشنجات متوترة ويموت من جراء هذا المرض 35-70% ممن يصابون به.
200 شيكل لحرق جلدك
الحاج حماد ممارس للعلاج بالكي منذ أكثر من 40 عاماً، كوى خلالها مئات الرجال والنساء الذين قصدوه بدافع العلاج من علل وأمراض مختلفة. يقول حماد : "في كل يوم يقصدني أشخاص يعانون من أمراض لكي أقوم بمعالجتهم عن طريق الكي، فأقوم بتحضير "الصوفان" وأشعله وأضعه على مكان الألم." وعن فعالية العلاج بالكي قال حماد أن هذا العلاج ناجح وقد شهدت التجارب أنه من أفضل أنواع العلاج للأمراض المستعصية والتي يصعب على الطب الحديث شفاءها .
بعد الانتهاء من عملية الكي التي لا يعرف نتيجتها إلا بعد أشهر أو حتى سنوات يتقاضى حماد من كل مريض مبلغ 200 شيكل . ويغادر المريض دون تطهير لمكان الكي، وينصحه الكاوي بأن يضع ورقة عنب أو تين على موقع الحرق وذلك حتى يتخلص الجسم من سوائل غير صحيَّة باعتقاد الكاوي .
بعد عودة المريض إلى بيته تبدأ مرحلة المعاناة، فجرحه الذي لم يطهر إلا بورقة عنب غير معقمة يبدأ يتقيح وتخرج منه رائحة عفنة. وبعد شفاء الجرح إما أن يشفى المريض من علته، أو أنه يبدأ معاناة جديدة مع مرض جديد يكون في أغلب الأحيان شلل أو ارتخاء في أعصاب المنطقة المكوية .
لماذا الكي ؟
بسؤال "الحال" لعدد من الذين تعالجوا بالكي عن سبب اختيارهم لهذا النوع من العلاج، وعدم توجههم للعلاج الحديث قال المواطن حسن فقوسة أن العلاج بالكي أفضل من العلاج الحديث لأن الأول لا تستعمل فيه الأدوية الكيماوية ،ونتائجه سريعة فضلاً على ذلك فهذا العلاج يقضي على موضع الألم نهائياً . أما المواطن أحمد عبد الله فقال: " الناس تتوجه للعلاج بالكي لأنه رخيص نسبياً بالمقارنة مع العلاج الحديث، فمن يعاني من آلام الظهر يكوى بمبلغ لا يزيد عن الـ200 شيكل ويشفى، أما الطب الحديث فهو يأخذ وقتاً طويلاً ومالاُ كثيراً ".

الطب : الكي ربما يسبب الشلل
يقوم العلاج بالكي على قطع الأعصاب في مناطق الألم،حيث يتتبع المعالج بالكي عصب منطقة الألم ويقوم بقتل هذا العصب، فلا يشعر المريض بأي أوجاع في تلك المناطق، في الوقت الذي يكون في المرض لا يزال في جسم المريض، بل يتطور إلى مراحل أصعب وأشد خطورة.
يرى الطبيب وجراح أمراض العظام والمفاصل الدكتور حسين عبيد أن للعلاج بالكي جملة من المخاطر  أهمها أن المعالج بالكي لا يكون على دراية واسعة في أمور الطب ،حيث لا يقوم عمله على تشخيص الحالة وفحصها ومعرفة الحالة الصحية والسجل المرضي للمريض. وكثيرة هي الحالات التي تضررت بشكل كبير جراء العلاج بالكي، حيث أصيبت بعض الحالات بالشلل .
وفي ظل عدم وجود قانون فلسطيني يمنع العلاج بالكي وممارسته نصح عبيد المرضى بالتوجه إلى الطب الحديث لتشخيص أمراضهم وصرف العلاج الناجع لهم، خصوصاً أن جميع الحالات التي يكوى بسببها المريض لا تحتاج إلا لعلاجات بسيطة .

شكرا لتعليقك