pregnancy

هل ستغدو أرض المسيح بلا مسيحيين؟



نسبتهم أقل من 1%
هل ستغدو أرض المسيح بلا مسيحيين؟
كتبه: أمل النعيمي ومحمد العواودة
ماذا لو غدت أرض المسيح بلا مسيحيين ، وماذا لو لم تعد أجراس الكنائس تتعالى في سماء فلسطين تزامناً مع صوت تكبيرات المساجد ، ليتحدوا سوياً في وجه عدو واحد ، وليرفعوا اسم فلسطين أرض الديانات السماوية عالياً .. فالبقاء في الأرض هو أول أعمال المقاومة ، وإن حكمت الظروف مجتمعة بالهجرة عن الأرض ونسيانها ، فإن السكوت عن هذه الظروف خطيئة لا يمكن غفرانها ، فهل ستصبح أرض المسيح بلا مسيحيين؟ سؤال حملته "الحال" وتوجهت به لذوي الشأن ليجيبوا عليه .



الاحتلال السبب الرئيسي للهجرة
تتعدد الأسباب التي يهاجر من جرائها الفلسطينيون المسيحيون، لكن العامل الأكثر ضغطاً وتأثيرا لزيادة هذه الظاهرة هو الاحتلال الإسرائيلي وما يفرضه من قيود على الفلسطينيين ومن ضمنهم المسيحيين.
 أستاذة علم الاجتماع السياسي في جامعة بيت لحم نورما مصرية قالت بأن هناك أسباب متعددة لهجرة المسيحيين من الأراضي الفلسطينية، كعدم الاستقرار السياسي القائم في المنطقة والقيود المفروضة من قبل الاحتلال على التنقل وتحديدا في مدن محافظة بيت لحم، مما أثر على الوضع الاقتصادي لعائلات كثيرة ولغياب فرص العمل خاصة لدى العائلات من الطبقة المتوسطة التي تتمتع بمؤهلات علمية عالية مما أدى  لافتقار المنطقة بهم ، إضافة لقضية الاقتتال الداخلي التي أثرت كذلك على خلق عدم استقرار داخلي.
كما فضلت مصرية عدم وصف المسيحيين بالأقلية وقالت :" خطأ كبير أن نقول أن المسيحيين هم أقلية، بل هم مكون اجتماعي داخل النسيج الاجتماعي الفلسطيني و يناضلون و يتعرضون لنفس الانتهاكات في الحقوق على كل المستويات كغيرهم من المواطنين " .
حنا عيسى
وفي مقابلة لـ "الحال" مع كاهن رعية اللاتين في بيت ساحور الأب اياد طوال، قال :" إن أسباب الهجرة لا تقتصر على وجود عوامل محددة تدفع المسيحي للهجرة خارجاً، بل إن الأوضاع الغير مستقر في فلسطين على الجميع مسلمون ومسيحيون تؤدي للهجرة، ولكن هذا بدوره يؤثر سلباً على المسيحية في فلسطين لأن أعدادهم قليلة".
الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية الدكتور حنا عيسى يرجع سبب هجرة  المسيحيين إلى قمع الاحتلال الإسرائيلي للمسيحيين  والاستيلاء على أراضيهم، والنكبة التي حلت بهم منذ عام  1948.  ومواصلة الاحتلال مسلسل الضغط على المسيحيين لإخراجهم من القدس بأساليب متعدد مثل الضرائب ومنعهم من العمل ومن البناء أو ترميم منازلهم فيضطرون للهجرة.
يرى مدير عام بلدية بيت لحم أنطون مرقص أن ظاهرة هجرة المسيحيين تبدو واضحة بسبب قلة أعداد المسيحيين الفلسطينيين، وأضاف بأن أسباب الهجرة حسب تتبع التاريخ والسياسة في فلسطين منذ أكثر من 150 سنة ما زالت كما هي متمثلة بالتوتر السياسي والصعوبات الاقتصادية والبحث عن لقمة عيش أفضل في أماكن افضل.  لكن الهجرة تفاقمت على زمن الاحتلال الإسرائيلي.
ويشير مرقص إلى أن الهجرة المسيحية من فلسطين ابتدأت في أواخر القرن التاسع  (عام 1885 تقريبا) . وعلى مر السنين أصبح هناك تواجد كبير  للمهاجرين الفلسطينيين  في الخارج وخاصة في أمريكا اللاتينية الأمر الذي سهل على المواطن الفلسطيني المسيحي إمكانية الهجرة لوجود قريب له في الخارج يساعده على ذلك .

50 ألف مسيحي هاجروا من بيت لحم
أكدت  مصرية في حديثها لـ "الحال" أنه لغاية اليوم هاجر من مدينة بيت لحم 50 الف مسيحي، وتحدثت عن وثيقة وقفة الحق " كايروس" التي صدرت عن معظم الكنائس المسيحية بدعم كبير من الفاتيكان، والتي تهدف إلى توحيد الكنائس والوقوف في وجه الهجرة الفلسطينية وفي وجه الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق العبادة والإنسان من خلال خلق فرص عمل للشباب المسيحي المؤهل داخل وطنه كي لا يفكر بالهجرة، وإلى ضرورة توعية الشباب المسيحي وزيادة انتمائهم إلى وطنهم عبر العطاء باختلافه وبالنضال لأجل دحر الاحتلال  وصولاً للاستقرار.
إن أكبر هجرات المسيحيين الفلسطينيين هي الهجرة من قطاع غزة، فقد قال الدكتور حنا عيسى أنه في سنة 1994 كان عدد المسيحيين في قطاع غزة (7500) أما اليوم فقد تدنى العدد بشكل كبير ليصل إلى (1230) فقط. أما مدينة القدس ففيها اليوم ما يقارب الـ 5000 مسيحي والتي كانت تضم في عام الـ2000 (10982). فهجرة المسيحيين من فلسطين واسعة سواء الهجرة الداخلية أو الخارجية.
يضيف عيسى أنه في عام  636 ميلادي -عند توقيع العهدة العمرية- كان الشعب الفلسطيني يشكل 95% وهم مسيحيون، هذا العدد بدأ يتقلص حتى وصل إلى 13% سنة 1890، وظل العدد يتراجع إلى أن وصل عام الـ2000 إلى 2%، واليوم النسبة أقل من 1%.

ما هو السبيل لوقف الهجرة؟
وجه الأب طوال كلمة للمهاجرين المسيحيين أو الذين يرغبون في الهجرة فقال :" من يترك أرضة كأنه يرفع الراية البيضاء للمحتل، فالصراع بيننا وبينهم حول الأرض والوجود فيها" لكن الأب طوال يرى أنه لا يوجد بين الفلسطينيين من يريد إعادة تكرار مأساة 1948 و1967 فجميعهم –كما يقول- سيبقون على هذه الأرض ومن خرج أو سيخرج فأنه يفعل ذلك  للعمل أو الدراسة مؤكداً في الوقت ذاته على حتمية عودتهم.
وختم الأب طوال حديثه بالقول " أن لا يبقى في أرض الدين المسيحي مسيحيون هذا موضوع مؤلم وخطير، لأن أعداد المهاجرين سنويا بارتفاع، وإن بقي معدل الهجرة هكذا فسنجد بعد عشرين عاماً  مؤسسات مسيحية في فلسطين دون مسيحيين" .
وفي معرض حديثه عن تأثير ظاهرة هجرة المسيحيين يقول الدكتور عيسى أن المسيحيين جزء لا يتجزأ من المجتمع الفلسطيني والثقافة الفلسطينية والمسيحيون الفلسطينيون والمسلمون أصحاب قضية واحدة. كما أن المسيحيين هم نقطة التواصل بين الشرق والغرب، فالتطور العلمي والتكنولوجي في المنطقة يعود لفضل المسيحيين.
أما عن امتلاك بلدية بيت لحم وسائل لتوفير بدائل للمواطنين تحد من ظاهرة الهجرة فيقول مرقص بأن البلدية لا تمتلك الوسائل المطلوبة لتوفير بدائل للمواطنين الراغبين في الهجرة باستثناء التوعية، التي تقوم بها من خلال اتصالاتها مع لجان الأحياء في مدينة بيت لحم وأعضاء المجلس البلدي والتواصل مع كافة شرائح المجتمع، وأكد مرقص على أهمية قيام الجهات الأخرى المعنية والوزارات والدوائر بدور التوعية بهذا الخصوص.

ماذا سيحدث لأعداد المسيحيين الفلسطينيين؟ هل ستبقى في تراجع ؟ أم أن أصحاب القرار سيتكاتفون سوياً لوضع خطط تحد من مسلسل الهجرة ؟ ويعود المهاجرون الفلسطينيون المسيحيون والمسلمون ليغنوا  للوطن ما قاله إيليا أبو ماضي: " وطن النجوم أنا هنا .. حدق أتذكر من أنا ."
شكرا لتعليقك