pregnancy

تبادل الأراضي .. لماذا نقبله ولماذا نرفضه

تبادل الأراضي الفلسطينية المحتلة مع الأراضي الفلسطينية التي "تسيطر" عليها السلطة الفلسطينية، موضوع أثار جدلا واسعا بين رافض ومؤيد للفكرة، فالفريق لرافض يعتبرها شكلا مغلفا من أشكال التنازل، والفئة المؤيدة ترى في تبادل الأراضي مصلحة فلسطينية إسرائيلية مشتركة.
كيف يرى السياسيون الفلسطينيون هذه الخطوة؟ وما آثارها الايجابية أو السلبية على القضية الفلسطينية؟
"الحال" طرقت أبواب السياسيين والأكاديميين الفلسطينيين ذوي الاختصاص لجمع أجوبة عن الأسئلة المطروحة.

التبادل مصلحة فلسطينية
قال الكاتب الفلسطيني يحيى رباح إن موضوع تبادل الأراضي طرح للجمهور الفلسطيني بطريقة خاطئة وبتوقيت خاطئ؛ فتبادل الأراضي يحدث بين دولتين مستقلتين، بإرادتهما وبتوافق. ولن يتم تنفيذ تبادل الأراضي إلا باعتراف إسرائيل بدولة فلسطين على حدود 1967، ثم بعد ذلك يتم مناقشة تبادل الأراضي إذا رأت الدولتان أن من مصلحتهما إجراء هذا التبادل.
يحيى رباح
ويضيف: "هذه المصالح مثلا قضية قطاع غزة، فقد أكدت الدراسات أنه لن يبقى صالحا للحياة بعد عشرين عاماً جراء الكثافة السكانية والاكتظاظ الكبير، فيمكن أن يتم تبادل أراضي مقابل توسعة قطاع غزة باتجاه الشرق مثلا".
وأشار رباح إلى أنه وعند مناقشة موضوع تبادل الأراضي في اتفاقية كامب ديفيد الثانية تم توضيح أنه عند إجراء أي عملية تبادل فإنها سكون مبنية على القيمة وليس على المساحة.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي قد قال في ورشة خاصة بمدينة دبي: "إن أي تبادل للأراضي بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية يجب أن يقوم على قاعدة تساوي القيمة والمساحة وبرضاء الطرفين، فمثلًا: لو أخذت (إسرائيل) أرضًا في القدس وأعطت فلسطين أرضًا في بئر السبع؛ فهذا لا يحقق الشرط".
وأضاف رباح إنه من حق الفلسطينيين التخوف من نوايا الاحتلال وتخطيطها لعزل مدن الضفة الغربية. لكن لا ينبغي التطرق إلى الحديث عن موضوع التبادل إلا حينما تقام الدولة الفلسطينية ويتم الاعتراف المتبادل بين دولة فلسطين وإسرائيل.


الرمل مقابل الجنة
المحلل السياسي عبد الستار قاسم قال إن أول شيء يجب حدوثه "هو أن تغرب السلطة الفلسطينية عن وجوهنا لأنه ما دامت هذه السلطة موجودة فإن مسلسل التانزلات سيستمر".
وأضاف المحلل السياسي أن الصلاحيات التي بيد السلطة هي منحة من إسرائيل ولن تستطيع التصرف إلا بإردتها وبناء على موافقتها. "فقبل الحديث عن قبول أو رفض السلطة لأي خطة يجب معرفة أن السلطة لا تملك قرارها".
عبد الستار قاسم
وعن خطة تبادل الأراضي قال قاسم إن إسرائيل تخطط لإعطائنا رمالا بدلا من مواقع وأراضي استراتيجية في منتصف الضفة الغربية، مما سينتج تقطيع أوصال الضفة الغربية.
الآثار السلبية برأي عبد الستار قاسم و التي ستنجم عن تبادل الأراضي ستتمثل في تقطيع الضفة الغربية وإضاعة مساحات زراعية واسعة فيها وتجزئة وفصل السكان، وما سينتج من آثار اجتماعية خطيرة.
عبد الستار رأى أنه لا يوجد مصلحة متبادلة وإنما مصلحة إسرائيلية محضة، وحتى لو كان تبادل الأراضي مع قطاع غزة فإنه سيكون عل حساب تدمير الضفة الغربية.

أما الباحث في شؤون الاستطيان عبد الهادي حنتش قال إنه عند الحديث عن تبادل الأراضي فإننا يجب علينا إدراك أنه لا يوجد سلام قادم بين الفلسطينيين والاحتلال، والدارس للسياسة الإسرائيلية يدرك ذلك، وواهم من يعتقد أن إسرائيل تريد سلاما.
تبادل الأراضي يضر بالمصلحة الفلسطينية وسيخلق دولة – في حال إنشائه- مقطعة جغرافيا وسكانيا، فالمستوطنات التي ستبقى ستفصل أجزاء الضفة الغربية وستجعلها أشبه بالكانتونات.

المستوطنات تحت السيادة الفلسطينية!
مدير وحدة الاستطيان في معهد أريج سهيل خليلية أوضح أن المفهوم الإسرائيلي للتبادل يقوم على تبادل بالمساحة أي بمعنى 1-1 دون الالتفات إلى قيمة الأراضي، وهنا تكمن المشكلة، فليس من المعقول أن يتم مبادلة أراضي زراعية بوسط الضفة مع أراضي في صحراء النقب.
أما المفهوم الفلسطيني فهو يقوم على أساس المبادلة بالقيمة، وأشار خليلية إلى أن هناك مناطق مثل القدس لا يمكن الحديث فيها عن تبادل نهائياً.
أما عن موضوع المستوطنات فرأى خليلية أنه إذا بقيت موجودة فيجب أن تكون تحت السيطرة الفلسطينية، فيتلقى المستوطنون الخدمات من دولة فلسطين، ويدفعون بذلك الضرائب للجانب الفلسطيني، ولا يكون لهم أي سيادة ع الأرض التي يكونون عليها.
و أشار مدير وحدة الاستطيان في معهد أريج إلى أن إسرائيل تهدف من وراء التبادل التخلص من العبء العربي داخل "كيانها"، فهي عندما قالت بأنها يمكن أن تبادل منطقة المثلث، كانت تسعى للتخلص من الاكتظاظ العربي الموجود فيها، وأخذ مساحات أراضي لا يوجد فيها عرب. أي بمعنى أن إسرائيل تسعى للتخلص من الوجود العربي فيها.

دراسة: التبادل مساس خطير بالحقوق الفلسطينية
قالت دراسة أعدتها الإدارة العامة للشؤون القانونية بوزارة العدل في الحكومة المقالة بغزة إن "القبول بفكرة تبادل الأراضي يعني تجزئة وفصل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض على شكل كانتونات معزولة لا يمكن التواصل فيما بينها، بالإضافة إلى الإبقاء على الوجود العسكري الإسرائيلي بذريعة توفير الحماية للمستوطنات.
وأوضحت أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ( باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية بعد أوسلو) يعتبر الضفة وغزة أراضيَ محتلة، مشيرة إلى أن القبول بفكرة تبادل الأراضي يعد خرقاً للقانون الدولي كونه يوحي بأن الصراع يقع على أراض متنازع عليها، "مع أن الاحتلال يحاول الإخفاء عن الأذهان جوهر الصراع المتمثل في اغتصاب العصابات الصهيونية للأرض والمقدسات الفلسطينية وتهجير أبنائها وارتكاب أفضع الجرائم بحقهم".

إذن لا أجماع فلسطيني على تبادل الأراضي، فهل سيجرب الفلسطينيون هذا التبادل كما جربوا نتائج اتفاقيات أخرى لا زالت تؤثر حتى الآن على حياتهم وأرزاقهم؟ إلى ذلك اليوم -إن أتى- ستبقى الإجابة معلقة على كتف الأيام، وسيبقى الجدل بين السياسيين محتدما حول قبول الفكرة أو رفضها.






شكرا لتعليقك