pregnancy

الأبنية المرتفعة في الخليل .. قبور عالية ؟!



  لم يخطر ببال قاطني العمارات السكنية في مدينة الخليل أن الدفاع المدني والذي هو مسئول عن حمايتهم وإنقاذهم في حالات الخطر لا يمتلك من الإمكانيات أن يصل إلى الطابق الثاني أو أكثر في العمارات التي انتشرت بشكل كبير في المدينة . فمن ينقذ أصحاب تلك العمارات في حال نشوب حريق فيها ؟ أو في أي حالة تستدعي تدخل الدفاع المدني ؟ وهل هناك تنسيق بين البلدية والدفاع المدني عند إعطاء التراخيص للأبنية المرتفعة ؟ وكيف تعطي بلدية الخليل تصاريح بناء لتلك العمارات وهي تعلم أن لا قدرة للدفاع المدني تؤهله للتدخل في حالات الخطر؟  وما هو الحد الأعلى للبناء في مدينة الخليل ؟


الدفاع المدني : انقذ نفسك بنفسك !
  يعرِّف الدفاع المدني الأبنية المرتفعة بأنها الأبنية التي يزيد ارتفاعها عن خمس طبقات ، أي ما يعادل ستة عشر متراً. وهي الأبنية التي يشرف عليها فقط من بين الأبنية السكنية الأخرى. فلا تكتمل إجراءات ترخيص هذه الأبنية إلا بعد موافقة الدفاع المدني على بنائها . إلا أن الحال في مدينة الخليل مختلف تماماً ،فالدفاع المدني لا حول له ولا قوة في عملية ترخيص الأبنية المرتفعة ،بل إنه لا يمتلك أي سيارة إطفاء ، والتي استحوذت عليها بلدية الخليل .
مبنى الدفاع المدني-الخليل
  في مقابلتنا مع الملازم أول في الدفاع المدني المهندسة رشا الهشلمون قالت بأن البلدية تعطي التراخيص لعمارات سكنية دون الرجوع إلى الدفاع المدني وأخذ موافقته. وإذا ما تم مراجعة الدفاع المدني فإن صاحب العمارة أو البناء يكون قد أتم بناءه أو شارف على إتمامه ، مما يضع الدفاع المدني تحت الامر الواقع . فلا يتسنى له الإشراف على مخططات الأبنية ،واتخاذ تدابير وشروط السلامة اللازمة لها ، من  مخرج طوارئ مستقل ، وغرفة خاصة بالكهرباء ، وتمديدات الإطفاء الداخلية ، والتي يجب أن تتوفر قبل عملية تشطيب الأبنية .
  أما دور الدفاع المدني في عملية توفير السلامة لسكان تلك المباني ،فهي تقتصر على الطلب من أصحاب العمارات توفير إمدادات الإطفاء الداخلية ، أما إذا لم يتسنَّ ذلك فإنه يطلب من مالك العمارة توفير عدد كبير من " طفايات " الحريق اليدوية. فمراكز الدفاع المدني لا تمتلك من الإمكانيات أن تصل إلى طوابق مرتفعة في حالات الحريق والخطر ،مما يدفعه إلى جعل سكان المباني العالية يوفرون السلامة لأنفسهم بأنفسهم .
  بالإضافة إلى عجز الدفاع المدني عن تقديم المساعدة لسكان العمارات ، فهو لا يستطيع تقديم المساعدة إلى طاقمه الإداري في مكتبه في الخليل ، والذي يقع على ارتفاع خمس طبقات عن سطح الأرض. إذ أن امكانات الدفاع المدني للوصول إلى الطوابق العليا لا يتعدى الطابق الثاني. وأضف إلى ذلك أن الدفاع المدني لا يمتلك أي سيارة إطفاء . وبسؤالنا عن السبب ،قالت الهشلمون أن بلدية الخليل تسيطر على سيارات الإطفاء ولا تسمح للدفاع المدني بامتلاكها ،في الوقت الذي صدر فيه قرار رئاسي بعودة سيارات الإطفاء إلى الدفاع المدني ، ولكن البلدية لم تلتزم بهذا القرار.
  الرقم 102 الخاص بالدفاع المدني والذي يستخدمه المواطنون للإبلاغ عن الحريق أو الخطر في المدن الفلسطينية لا يمتلكه الدفاع المدني في الخليل وإنما البلدية. فالمواطن في الخليل يدفع رسوم إطفاء لبلدية الخليل والذي كان من المفروض أن يدفع للدفاع المدني ، فتحصل البلدية على إثر ذلك مبالغ طائلة على حد تعبير الهشلمون. وقد أرجعت المهندسة غياب التنسيق بين أدوار كل طرف إلى الإشكاليات بين الدفاع المدني وبلدية الخليل والتي حاول الدفاع المدني حلها بالتوجه إلى مدير الدفاع المدني في رام الله ، لكن بلا جدوى.
  وقد طالبت الهشلمون البلدية بفتح باب التنسيق ما بينها وبين الدفاع المدني ، وإرجاع سيارات الإطفاء إلى الدفاع المدني لتقوم الأخيرة بتطوير إمكانيات تلك السيارات لتصل إلى طوابق أعلى في حالات الحريق والخطر لتقديم الخدمات بفاعلية للمواطنين .
لسماع المقابلة مع الملازم رشا الهشلمون اضغط هنا 

بلدية الخليل : ليست مسؤوليتنا !
المهندس أبو صبح 
  في قرار المجلس البلدي الأخير حول كيفية إعطاء التراخيص ، قررت البلدية أن الحد الأقصى للبناء في مدينة الخليل يجب ألا يتعدى سبع طبقات تضاف إليها الأرضية والسطح أو ما يعرف بـ "الروف ". وقد أصبح هذا القرار نافذاً قبل حوالي شهرين. وفي مقابلة مع المهندس جلال أبو صبح وبسؤالنا له عن الإجراءات المنتهجة من قبل البلدية لترخيص الأبنية العالية قال أن البلدية لا تعطي أي ترخيص للأبنية العالية قبل موافقة لجنة السلامة العامة التي تضم كلاً من محافظة   الخليل والدفاع المدني وبلدية الخليل ، وبعد كشف هذه الجهات على الأبنية العالية وإعطائها الموافقة ، تقوم البلدية بمنح التراخيص اللازمة لتلك البنايات .
  وبسؤالنا لأبو صبح عن سبب منح البلدية للأبنية العالية تراخيص وهي تعلم أن الدفاع المدني لا يملك الإمكانيات للتعامل مع هكذا أبنية في حالات الخطر ، قال أن الدفاع المدني هو من يتحمل المسؤولية لأنه وافق على مخططات جميع الأبنية في المدينة ، وأضاف قائلاً : "هل تريد أن نجعل البنايات في مدينة الخليل مكونة من طابق واحد فقط ! ".
  أما عن امتلاك بلدية الخليل لسيارات الإطفاء فقد قال أبو صبح :"إن الجهات المانحة هي من قدمت هذه السيارات للبلدية , فلماذا تتخلى البلدية عن هذه السيارات وهي جاءت باسمها  ؟! "
المهندس صلاح السيخ
  وقد نفى أبو صبيح ما صرحت به إدارة الدفاع المدني في الخليل عن غياب التنسيق بينها وبين الدفاع المدني ، وأكد على أن جميع البنايات المرتفع المرخصة في مدينة الخليل حصلت على موافقة من لجنة السلامة العامة.
  أما المهندس صلاح السيخ فقد أكد أن البلدية تعطي مخططات الأبنية كاملة للدفاع المدني لكي تقرر فيما إذا كان البناء مطابقاً لشروط  السلامة أم لا . فالدفاع المدني برأي السيخ هو المسئول الأول والأخير عن سلامة المواطنين في العمارات السكنية .
للاستماع للمقابلة مع البلدية اضغط هنا

المسالمة : بنيت عمارتي دون مراجعة الدفاع المدني
  تزداد أعداد الأبنية السكنية المرتفعة في مدينة الخليل يوماً بعد آخر ،ويؤكد بعض مالكي هذه العمارات أن البلدية لم تطلب منهم تصريحاً من الدفاع المدني لاستكمال إجراءات الترخيص عند البلدية ، فقد قال المواطن أيمن المسالمة أن البلدية بعد أن كشفت على مخطط بناء عمارته أعطته الترخيص اللازم لمباشرة العمل فيها ،دون أن يتوجه إلى أي جهة أخرى. علماً أن ارتفاع عمارة المسالمة تبلغ ست طبقات. وهذا ما يفند قول البلدية بأنها لا ترخص أي عمارة سكنية إلا بعد موافقة الدفاع المدني .
الطفل سالم : أنا خائف جداً !
  أبدى سكان العمارات السكنية تخوفاً مما سمعوه وتأكدوا منه حول عدم مقدرة الدفاع المدني على إغاثتهم في حالات الخطر ، فعندما قرروا السَّكن في مثل هذه العمارات لم يكن في حسبانهم أن شققهم بعيدة بعد السماء عن إمكانيات الدفاع المدني الذي لن يصل إليهم في حالات الضرورة ، ليس لشيء إلا لأنه لا يملك من المعدات أن يصل. وفي التعليق على ما تم كشفه عن امكانيات الدفاع المدني قال المواطن محمد البلتاجي وهو أب لخمسة أبناء يسكنون معه في شقة على ارتفاع ثلاث طبقات : " إذا كان الدفاع المدني لا يمتلك القدرة على إغاثتنا ، فلماذا توافق البلدية على بناء هذه العمارات ؟ " أما الطفل سالم الزعتري والذي لم يتجاوز عمره الثانية عشرة قال : " أنا الآن خائف جداً ، فماذا نفعل إن شب حريق في عمارتنا ؟! "
وماذا بعد ؟
   ماذا يفعل سكان العمارات في حالات الحريق في مدينة الخليل ؟ هل ينتظرون الدفاع المدني الذي كانوا يثقون به قبل انكشاف الغطاء عن عريِّ امكانياته ؟ أم ينتظرون الحظ لينجيهم ؟ أم أن عماراتهم ستكون قبوراً عالية تضم رفاتهم أو ما تبقى منهم ؟  كل هذه الاسئلة وغيرها يطرحها المواطن الفلسطيني على طاولة أصحاب القرار ، ويبقى ينتظراً الإجابة!
السابق
انت في اقدم موضوع
شكرا لتعليقك